قال الله عز وجل:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} (النحل:81).
جاء في تفسير ابن كثير-رحمه الله-Sadوقوله "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا"، قال قتادة : يعني:الشجر، "وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا" أي: حصونا ومعاقل، كما جعل لكم سرابيل تقيكم الحر، وهي الثياب من القطن والكتان والصوف، "وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ" كالدروع من الحديد المصفح والزرد وغير ذلك، "كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ"، أي: هكذا يجعل لكم ما تستعينون به على أمركم، وما تحتاجون إليه ؛ ليكون عونا لكم على طاعته وعبادته "لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ".
وجاء في أضواء البيان للشنقيطي:"قوله تعالى"وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ" الآية، بيّن-جل وعلا-في هذه الآية الكريمة منته على خلقه; بأنه جعل لهم سرابيل تقيهم الحر، أي: والبرد; لأن ما يقي الحر من اللباس يقي البرد. والمراد بهذه السرابيل: القمصان ونحوها من ثياب القطن والكتان والصوف، وقد بين هذه النعمة الكبرى في غير هذا الموضع ; كقوله:"يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)" [الأعراف]"
وأضاف الطبري في تفسير قوله تعالى"كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ" ما نصه:[حدثني المثنى، قال:ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: ثنا ابن المبارك، عن حنظلة، عن شهر بن حوشب، قال: كان ابن عباس يقولSadلعلكم تسلمون) قال: يعني من الجراح. حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا عباد بن العوام، عن حنظلة السدوسي، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، أنه قرأهاSadلعلكم تسلمون) من الجراحات، قال أحمد بن يوسف : قال أبو عبيد: يعني بفتح التاء واللام]. وهو معنى جديد له العديد من الدلالات العلمية.
مخاطر التعرض للآشعة الشمسية:
ويتكون الظل بسقوط موجات الضوء المرئي علي جسم معتم, فإذا كان مصدر هذا الضوء المرئي نقطة كان الظل الناشيء هو المسقط الهندسي لهذا الجسم المعتم الذي يعرف باسم العائق أمام الضوء المرئي, أما إذا كان مصدر الضوء المرئي ممتدا فإن المسقط الهندسي للعائق المعترض لمساره يتكون من منطقة ظل محاطة بمنطقة شبه ظل, وتتدرج شدة الإعتام من منطقة شبه الظل إلي منطقة الظل. وتكون الظلال يحمي كلاً من الإنسان والحيوان والنبات من مخاطر التعرض لكل من حرارة وأشعة الشمس لساعات أطول مما تحتمله قدراتها؛ وذلك بسبب بعض الموجات المكونة لأشعة الشمس ومن أخطرها الأشعة فوق البنفسجية U.V Rays، التي تبين بالدليل القاطع خطورتها وآثارها السلبية.
وتعتبر الشمس أحد أهم مصادر الآشعة فوق البنفسجية، إلا أن طبقة الأوزون المغلفة للكرة الأرضية تقوم بدور مهم في حجب الآشعة فوق البنفسجية من نوع c، كما تحجب جانباً كبيراً من الآشعة A،B.
صور لألوان كاذبة تبين الهالة الشمسية بواسطة أشعة فوق بنفسجية عميقة من مرصد للأشعة فوق البنفسجية القصوى
اختراق الآشعة فوق البنفسجية للغلاف الجوي للأرض ودور طبقة الأوزون في حجب الآشعة (UV-C)
وقد أوضحت القيـاسات التي تمت بواسطة الأقمار الصناعية أن كمية الأوزون في الغلاف الجوي قد نقصت بنسبة 5% عام 1978م عما كانت عليه عام 1971م، وبلغت نسبة النقص 2.5% في الفترة الواقعة ما بين-1979-1985م في المنطقة الواقعة بين خطي عرض 53 شمالاً وجنوباً، ونتيجة لاستهلاك الأوزون؛ اكتشف ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي عام 1985م، حيث وصل النقص إلى 50%، ويظهر جورة في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام فوق القارة القطبية الجنوبية، ثم تأخذ في الاتساع في شهور الخريف، ثم تنكمش وتختفي في شهر نوفمبر. ويحدث الثقب داخل الدوامة القطبية وهي كتلة كبيرة من الهواء المنعزل نسبياً فوق القارة القطبية الجنوبية خلال الشتاء القطبي والربيع، ومع أن الثقب يظهر موسمياً إلا أنه يزداد سوءا في كل مرة يظهر فيها عن سابقتها.
والأشعة فوق البنفسجية هي موجة كهرطيسية ذات طول موجي أقصر من الضوء المرئي لكنها أطول من الأشعة السينية، وقد سميت بفوق البنفسجية لأن طول موجة اللون البنفسجي هو الأقصر بين ألوان الطيف، وطول موجاتها يبدأ من 400 نانومتر إلى 10 نانومتر.
والتعرض لأشعة فوق بنفسجية التي تأتي مع ضوء الشمس يعتبر بيئياً عامل مسرطن للبشر. والتأثير السام الفوق البنفسجي الناشئ من ضوء الشمس أو مصابيح العلاج الاصطناعي هما أمران مقلقان للصحة البشرية, فتأثيرات الإشعاع الخطيرة على الجلد تشمل التهاب الحروق والتهابات الجلد ولفح الشمس وإضعاف جهاز المناعة Matsumura and Ananthaswamy.
فوتون فوق بنفسجي يضرب جزيء الدنا للخلايا الحية بعدة طرق
ويستطيع إشعاع فوق البنفسجي الطويل UVA والمتوسط UVB والقصير UVC أن يدمر ألياف بروتين الكولاجين وبالتالي يسرع بشيخوخة الجلد. كما أن الأشعة الطويلة UVA والمتوسطة UVB يمكنهما تحطيم فيتامين(أ) الموجود بالجلد.
فقد كان ينظر إلى بالموجة الطويلة UVA في السابق على أنها الأقل خطورة, ولكنها اليوم تعرف بأنها تعجل بسرطان الجلد خلال تخريب غير مباشر للحمض النووي DNA. فهي تنتشر بعمق لكنها لا تسبب حروق الشمس ولا احمرار بالجلد ولا يوجد فحص طبي لها ولكن الواقي الشمسي (sunscreen) يتمكن من اعتراضها واعتراض UVB معها. وبما أنها لا تخرب الحمض النووي بشكل مباشر كالأشعة المتوسطة والقصيرة ولكنها تستطيع توليد وسط كيميائي شديد التفاعل، مثل جذور هيدروكسيل والأكسجين والتي تساهم بدورها بتدمير حمض النووي.
أما الموجة المتوسطة UVB فهي مسببة للسرطان الجلد وتدمر ألياف الكولاجين، ولكن بوتيرة أبطأ من UVA، من خلال التخريب المباشر للحمض النووي. فالإشعاع يهيج جزيئات الحمض النووي في خلايا الجلد، مسببة بروابط تساهمية شاذة تتشكل ما بين قواعد السيتوزين ومنتجة وحدات ثنائية. فعندما يأتي دنا بوليميريز ليزيد من فتيلة هذا الجزء من الدي أن أي، فإنها تقرأ الوحدة الثنائية ب "AA" وليس بالقراءة الأصلية "CC"، مسبباً إعادة تشكيل روابط قاعدة البيانات الثايمين إلى ثنائي الثايمدين؛ مما يشوه شكل لولب الـ DNA ويوقف التناسخ ويظهر الفجوات ويمنع الاندماج. وقد تظهر الطفرة الجينية مما يسبب بالنمو السرطاني, تلك الطفرة الجينية المسببة من الأشعة الفوق بنفسجية من السهولة ملاحظتها بزراعة البكتيريا. وهذا الرابط السرطاني يعتبر من الأسباب التي تدعو للاهتمام حول ظهور ثقب الآوزون. وكمقاومة للإشعاع الفوق بنفسجي يميل الجسم إلى الاسمرار عند تعرضه لمستوى معقول من إشعاع UVA (حسب نوع الجلد) وتصبح الصبغة البنية قاتمة بينما UVB يحدث إنتاج جديد. هذا الاسمرار يوقف انتشار الفوق بنفسجية كما يمنع التخريب القوي لأنسجة الجسم الضعيفة.
وفي المقابل يعتبر جلد البشري خط الدفاع الأول للجسم ضد الميكروبات وتعمل الطبقة الدهنية في الجلد كعازل للحرارة، كما أن الغدد العرقية تحافظ على درجة حرارة الجسم من الارتفاع عن طريق إفراز العرق، كما يحتوي على مستقبلات عصبية للإحساس بالحرارة والبرودة والضغط واللمس، فضلاً عن إفراز الميلانين في البشرة يقي الجلد من الأشعة فوق البنفسجية ويقلل احتمال الأصابة بسرطان الجلد.
وتبلغ إجمالي حالات الإصابة بسرطان الجلد على مستوى العالم 105 ألف حالة سنوياً، تصل النسبة النوعية 0.9 ذكر لكل أنثى، وتصل عدد حالات الوفاة من المرض 33 ألف حالة سنوياً، بنسبة نوعية 1.1 ذكر/ أنثى.
وتأتي استراليا في مقدمة دول العالم من حيث الإصابة بسرطان الجلد، فمن المقدر أن يصاب شخصان من بين كل ثلاثة أشخاص بسرطان الجلد قبل وفاته. ويشكل المرض حوالي 80% من إجمالي تشخيصات الأمراض السرطانية الحديثة، وتصل أعداد الوفيات بين المصابين بـسرطان الجلد غير الميلانوما Non-Melanoma 420 حالة سنوياً، ترتفع إلى 1430 حالة سنوياً للمصابين بسرطان الميلانوما Melanoma، وتزداد الإصابات بشكل كبير في الفئة العمرية 15-44 سنة؛ ولعل ذلك يرجع إلى ارتفاع عدد ساعات سطوح الشمس، إذ يصل عدد الأيام المشمسة في استراليا إلى 300 يوماً /سنة.
بعض صور الإصابة بسرطان الجلد
وفي الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ عدد تشخيصات الإصابة بالميلانوما 58.094 حالة سنوياً، منها 33.041 حالة بين الذكور و25.053 حالة بين الإناث، بينما تصل أعداد الوفيات إلى 8.461 حالة، ترتفع بين الذكور إلى 5.506 حالة ، وتصل بين الإناث إلى 2.955 حالة/ سنوياً.
ويعد سرطان الخلايا القاعدية Basal Cell Carcinoma هو الشكل الأكثر شيوعاً من سرطان الجلد، ويتم تشخيص ما يقدر بنحو 2.8 مليون حالة سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهى نادراً ما تكون قاتلة، لكنها تؤدي إلى تشوهات شديدة في حالة السماح لها بالنمو. أما سرطان الخلايا الحرشفية Squamous Cell Carcinoma ، وهو الشكل الثاني الأكثر شيوعاً من سرطان الجلد، فيشخص حوالي 700.000 ألف حالة سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتعرض الفرد الأمريكي للأشعة فوق البنفسجية بنسب تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، فحتى سن الأربعين يتلقى 46.5% من إجماليها، ترتفع إلى 73.7% في سن الستين، لتصل إلى 100% في نهاية عمره(على فرض أمد حياة 78 عاماً).
حالات الإصابة الحالية والمتوقعة بسرطان الجلد الناتج عن التعرض للآشعة فوق البنفسجية
• أثر التعري والسفور:-
أشارات الجمعية الألمانية لأطباء جراحة الفم والفكين والوجه إلى تزايد نسبة الإصابة بأنواع سرطانات الجلد في منطقة الوجه بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، فقد أشار البروفيسور "فولكر شفيبر" أن ستة أشخاص من مائة ألف كانوا يصابون في ألمانيا بالسرطان القتامي "السرطان الأسود" الذي يصيب الوجه في الستينيات من القرن الماضي، وأضاف أن عدد الإصابات بهذا المرض الخطير وصلت إلى الضعف في الوقت الحالي.
وعزا البرفيسور الألماني هذا الارتفاع في عدد الإصابات بالسرطان الأسود إلى تزايد عدد الأشخاص الذين يقدمون على عمل حمام شمسي بدون حماية كافية.
كما أشار "شفيبر" الذي يرأس المستشفى الجامعي في مدينة مونستر، إلى ارتفاع نسبة الإصابات بشكل خاص بين جيل النساء اللاتي يبلغن خمسين إلى سبعين عاماً "لأنهن كن يقضين عطلاتهن على الشواطئ الإيطالية في السبعينيات من القرن الماضي".
ولعل من المتناقضات في حضارة اليوم أن صار التعري والسفور مظهراً من أهم مظاهرها، بينما الأمر في الحقيقة على خلاف ذلك؛ فلو كانت الحضارة بالتعري...لسبقتنا إليها البهائم.
ولو كان الأمر كذلك ما جعل الله ستر العورات من نعيم الجنات، ولما جعله عقوبة لمن عصى وشقى، يقول عز وجل:"فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)"(طه).
يقول ابن كثير-رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى::"يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27)"(الأعراف) ما نصه:"يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش فاللباس المذكور هاهنا لستر العورات وهي السوءات، والرياش والريش: هو ما يتجمل به ظاهرا ، فالأول من الضروريات، والريش من التكملات والزيادات" .
ولعل الحشمة والتستر التي لا تزال تسود –كدين وثقافة-بين السواد الأعظم من سكان مجتمعات العالم العربي والإسلامي من أهم أسباب تدني نسب الإصابة وحالات الوفاة الناتجة عن مثل هذا النوع من الأمراض فيها، وهو ما يمكن فحصة من خلال الرابط التالي الذي يعرض لمعدلات الوفيات الناتجة عن سرطان الجلد بالعالم.
http://www.worldlifeexpectancy.com/cause-of-death/skin-cancers/by-country• النهي عن الجلوس بين الظل والشمس:-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم في الشمس فقلص عنه الظل, فصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم". رواه أبو داود وفيه ضعف، لكن له شاهد بسند صحيح عن أبي عياض عن رجل من الصحابة قال: "نهى رسول الله أن يجلس بين الضح والظل وقال مجلس الشيطان" (صححه الحاكم ووافقه الذهبي …... والضح هو ضوء الشمس). وكذا ما رواه بريدة بن الحصيب أن رسول الله عليه وسلم "نهى أن يقعد الرجل بين الظل والشمس". فأمر البدن لا يستقيم إلا إذا سار على وتيرة واحدة في جميع أعضائه، فإذا حصل ذلك تشوش الدوران واضطربت وظائف الأعضاء؛ وهذا ما يحصل عند الجلوس أو النوم بين الظل والشمس.
• كسوف الشمس والأمر بلزوم المساجد والدعاء في أثنائه:-
الأشعة فوق البنفسجية تزداد في الحالات الطبيعية خلال الفترة من العاشرة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، وفي حالة الكسوف ينجذب الانتباه لمتابعته كظاهرة فلكية، ومما يشجع على معاينة الشمس مباشرة انخفاض شدة الإضاءة أثناء فترة الكسوف، حيث يحجب القمر جزءاً من أشعة الشمس، وبالتالي يقل الوهج الحراري الصادر من الشمس الذي يمنع الناس عادة من معاينة الشمس في الظروف المعتادة. كما أن بؤبؤ العين يتسع بدرجة كبيرة في تلك الأجواء المظلمة المصاحبة لحدوث الكسوف؛ فتدخل كميات كبيرة من الأشعة الضارة وتصل إلى مركز الإبصار في الشبكية؛ فتحدث تغيرات كيميائية وحرارية تتلف المستقبلات الضوئية؛ مما يؤثر على الرؤية بدرجة كبيرة تصل إلى العمى في بعض الأحيان، وهذه الظاهرة معروفة منذ القدم بـ "عمى لكسوف ".
بينما كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء ذلك الصلاة والدعاء،؛ لما رواه البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمSadإن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله).
وفي رواية أخرى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا".
ولعل مما يلفت النظر، إسراع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وصلاته بالناس، واستمرار الصلاة حتى انقضاء الكسوف وتجلي الشمس، وفيما بعد وصيته للمسلمين بالاستمرار في الصلاة والدعاء طيلة فترة الكسوف، ومن جانب آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بالمسلمين في المسجد وذلك خلافاً لصلاة الاستسقاء والعيدين في الخلاء، ولعل من أسباب ذلك الإشعاعات الضارة التي يمكن أن يؤدي إليها تركيز النظر في قرص الشمس، ولا ننسى أن السنة في الصلاة النظر إلى موضع السجود لا إلى الأعلى.
وصدق الله العظيم"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)"(النحل).