أسلوب التورية في القرآن الكريم
وتسمى الإيهام والتخييل والمغالطة والتوجيه ، وهي أن يتكلم المتكلم بلفظ مشترك بين معنيين قريب وبعيد ، ويريد المعنى البعيد ، يوهم السامع أنه أراد القريب ؛ مثاله قوله تعالى : والنجم والشجر يسجدان ( الرحمن : 6 ) أراد بالنجم النبات الذي لا ساق له ، والسامع يتوهم أنه أراد الكوكب ، لا سيما مع تأكيد الإيهام بذكر الشمس والقمر .
وقوله : وهو قائم يصلي في المحراب ( آل عمران : 39 ) والمراد المعرفة .
وقوله : وجوه يومئذ ناعمة ( الغاشية : 8 ) أراد بها في نعمة وكرامة ، والسامع يتوهم أنه أراد من النعومة .
وقوله : والسماء بنيناها بأييد ( الذاريات : 47 ) أراد بالأيد القوة الخارجة .
وقوله : ويطوف عليهم ولدان مخلّدون ( الإنسان : 19 ) أي : مقرطون تجعل في آذانهم القرطة ، والحلق الذي في الأذن يسمى قرطا وخلدة ، والسامع يتوهم أنه من الخلود .
وقوله : ويدخلهم الجنة عرّفها لهم ( محمد : 6 ) أي : علمهم منازلهم فيها أو يوهم إرادة العرف الذي هو الطيب .
...
وقوله : يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان ( التوبة : 21 ) فذكر ( رضوان ) مع الجنات مما يوهم إرادة خازن الجنات .
***
وقوله : وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ( الشورى : 28 ) فقوله : ( الولي ) هو من أسماء الله تعالى ، ومعناه الولي لعباده بالرحمة والمغفرة ، وقوله : ( الحميد ) يحتمل أن يكون من " حامد " لعباده المطيعين ، أو " محمود " في السراء والضراء ، وعلى هذا فالضمير راجع إلى الله سبحانه ، ويحتمل أن يكون الولي من أسماء المطر ، وهو مطر الربيع ، والحميد بمعنى المحمود ، وعلى هذا فالضمير عائد على الغيث .
وقوله : اذكرني عند ربك فـأنساه الشيطان ذكر ربه ( يوسف : 42 ) فإن لفظة ( ربك ) رشحت لفظة " ربه " ؛ لأن تكون تورية ، إذ يحتمل أنه أراد بها الإله سبحانه والملك ، فلو اقتصر على قوله :فـأنساه الشيطان ذكر ربه ( يوسف : 42 ) لم تدل لفظة " ربه " إلا على الإله ، فلما تقدمت لفظة " ربك " احتمل المعنيين